مُني الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بهزيمة سياسية ساحقة، بفوز مرشح المعارضة، «كريم إمام أوغلو»، في الانتخابات المعادة على منصب عمدة إسطنبول بهامش كبير، أمس الأول. وأقرّ مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم، رئيس الوزراء السابق، بخسارة السباق في خطاب قصير متلفز، بعدما أظهرت النتائج تقدم إمام أوغلو، بنسبة 54 في المئة من الأصوات. وقدم أردوغان، الذي سعى بكل جهد إلى الاحتفاظ بمقعد عمدة إسطنبول لمصلحة حزبه، التهنئة إلى مرشّح المعارضة، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، بعد خطاب يلدريم بوقت قصير.
وكتب أردوغان: «إن الإرادة الوطنية تجلت اليوم مرة أخرى، وأهنئ كريم إمام أوغلو، الذي فاز في الانتخابات بحسب النتائج غير الرسمية»، وهي من المناسبات النادرة التي يشير فيها الرئيس التركي إلى مرشح معارضة باسمه.
واهتزت الثقة في الانتخابات التركية، بعد الانتخابات الأولى، التي جرت في مارس، حيث تحدى حزب «العدالة والتنمية»، بقيادة أردوغان، النتائج التي أظهرت فوز إمام أوغلو، المنتمي إلى حزب «الشعب الديمقراطي»، بهامش ضئيل.
وأبطلت هيئة الانتخابات الحكومية التصويت، وأمرت بإعادة نادرة للاقتراع، مؤججة انتقادات بأن الهيئة خضعت لضغوط سياسية. وأثار الاضطراب السياسي الناتج حفيظة حلفاء تركيا، بما في ذلك إدارة ترامب. فقد اشتكى المسؤولون الأميركيون من أن المفاوضات مع أنقرة بشأن قضايا حساسة، بما في ذلك سوريا، عطلتها التصريحات الانتخابية النارية.
ومنح فوز «إمام أوغلو»، حزب المعارضة الرئيسي، سيطرة رمزية على إسطنبول، أكبر مدن تركيا ومحورها التجاري، بعد عقود من هيمنة حزب «العدالة والتنمية»، بينما خذلت الهبات السياسية أردوغان، بما في ذلك قدرته على تغيير دفة الانتخابات، بحشد قاعدة مؤيديه، في الوقت الراهن على الأقل.
وواظب أردوغان بصورة يومية على الحشد ليلدريم، مراهناً بسمعته السياسية على نتيجة السباق. ولم يدخر حزب العدالة والتنمية جهداً في الأسابيع الأخيرة، لتحفيز الناخبين المخلصين للحزب الذين أيدوا أردوغان وحلفائه مراراً وتكراراً.
لكن النتائج البرلمانية أظهرت أن تلك الجهود أخفقت، إذ خسر «العدالة والتنمية» أصوات ناخبيه في عدد من الدوائر التي اعتبرها معاقل له. وكانت محاولة الحزب الأخيرة هي استقطاب الناخبين الأكراد، لكنها فشلت أيضاً.
وتقول «سينيم أدار»، الباحثة رفيعة المستوى لدى جامعة «هومبولدت» في برلين: «إن مستشاري أردوغان ضللوه بعدم إخباره بمدى الاستياء بين قاعدة ناخبيه، ويواجه الرئيس التركي احتمال حدوث انشقاقات بين شخصيات بارزة في الحزب، بسبب حجم خسارة الانتخابات». وأكدت أن أردوغان ضعُف بصورة كبيرة.
ويبدو أن خسارة إسطنبول مزّقت هالة القوة المحيطة بأردوغان، وبدأ معها القلق ومحاسبة الذات داخل حزبه. وفي رسالة عبر «تويتر»، كتب عضو البرلمان عن «العدالة والتنمية»، مصطفى ينير أوغلو: «إن الحزب خسر إسطنبول، لأنه خسر تفوقه الأخلاقي، والأمل معقود على نقذ الذات بإخلاص». ولفت إلى أن عليهم التركيز على أحلام الشباب والعقلانية وحكم القانون.
وكانت الخسارة لاذعة بالنسبة لأردوغان، على وجه الخصوص، لأنها حدثت في مسقط رأسه، فقد ولد وتربى في إسطنبول، وحقق ظهوراً سياسياً هناك قبل ربع قرن في منصب العمدة. وبدت المدينة ينبوعاً مالياً لشبكات رعاية الحزب الحاكم، واستعراضاً لطموح أردوغان، بما في ذلك ولعه بالمشروعات العملاقة.
وقبل إعادة التصويت أمس الأول، احتشد آلاف المتطوعين لمراقبة الاقتراع، في أكثر من 30 ألف مقر، في سعي دؤوب لمنع أية ذرائع تحمل لجنة الانتخابات على عملية إلغاء أخرى. وبعد ليلة الأحد المظلمة، احتفى أنصار إمام أوغلو في شوارع إسطنبول، مكررين شعار حملته الانتخابية «كل شيء سيكون على ما يرام».
وكان ترنح الاقتصاد التركي، وارتفاع تكاليف السلع الأساسية إلى مستويات قياسية من المخاوف الرئيسية في الانتخابات الأولى والإعادة. لكن هذه المرة، أكد بعض الناخبين أنهم غضبوا من إلغاء التصويت الأول، معتبرين أنه تلاعب هزلي بالديمقراطية التركية.
وفي أحد مراكز الاقتراع في معقل لحزب العدالة والتنمية، قالت «كدير إسين»، البالغة من العمر 32 عاماً، إنها وعائلتها صوتوا في مارس للحزب الحاكم، لكن يوم الأحد صوتت العائلة، البالغ عددها 30 شخصاً، لإمام أوغلو. وأوضحت أنهم غيروا رأيهم بسبب الظلم الذي وقع.
وحظي إمام أوغلو، العمدة السابق لمنطقة «بيلكدوزو» في اسطنبول، صاحب الأسلوب الهادئ، بثناء الكثيرين بسبب نبرته التصالحية غير الحزبية، ووعوده بتقديم مساعدات مالية. وقال ليلة الأحد: «لم يفز حزب أو جماعة أو فصيل في هذه الانتخابات، وإنما فازت إسطنبول بأسرها».
ووعد بإعادة توجيه عشرات الملايين من الدولارات، التي قال إنها كانت تخرج من خزائن المدينة في كل عام لأردوغان والمنظمات والمؤسسات الدينية التي يؤيدها.
وأكد إمام أوغلو، في أبريل الماضي، أن خدمة شخص أو فرد أو جماعة أو تكتلات أو مؤسسات أو منظمات.. كل ذلك قد انتهى. وأضاف: «إن الأموال ستوجه بدلاً من ذلك إلى تأسيس مراكز رعاية يومية ومؤسسات خدمية لمواطني إسطنبول».
*رئيس مكتب واشنطن بوست في إسطنبول
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
وكتب أردوغان: «إن الإرادة الوطنية تجلت اليوم مرة أخرى، وأهنئ كريم إمام أوغلو، الذي فاز في الانتخابات بحسب النتائج غير الرسمية»، وهي من المناسبات النادرة التي يشير فيها الرئيس التركي إلى مرشح معارضة باسمه.
واهتزت الثقة في الانتخابات التركية، بعد الانتخابات الأولى، التي جرت في مارس، حيث تحدى حزب «العدالة والتنمية»، بقيادة أردوغان، النتائج التي أظهرت فوز إمام أوغلو، المنتمي إلى حزب «الشعب الديمقراطي»، بهامش ضئيل.
وأبطلت هيئة الانتخابات الحكومية التصويت، وأمرت بإعادة نادرة للاقتراع، مؤججة انتقادات بأن الهيئة خضعت لضغوط سياسية. وأثار الاضطراب السياسي الناتج حفيظة حلفاء تركيا، بما في ذلك إدارة ترامب. فقد اشتكى المسؤولون الأميركيون من أن المفاوضات مع أنقرة بشأن قضايا حساسة، بما في ذلك سوريا، عطلتها التصريحات الانتخابية النارية.
ومنح فوز «إمام أوغلو»، حزب المعارضة الرئيسي، سيطرة رمزية على إسطنبول، أكبر مدن تركيا ومحورها التجاري، بعد عقود من هيمنة حزب «العدالة والتنمية»، بينما خذلت الهبات السياسية أردوغان، بما في ذلك قدرته على تغيير دفة الانتخابات، بحشد قاعدة مؤيديه، في الوقت الراهن على الأقل.
وواظب أردوغان بصورة يومية على الحشد ليلدريم، مراهناً بسمعته السياسية على نتيجة السباق. ولم يدخر حزب العدالة والتنمية جهداً في الأسابيع الأخيرة، لتحفيز الناخبين المخلصين للحزب الذين أيدوا أردوغان وحلفائه مراراً وتكراراً.
لكن النتائج البرلمانية أظهرت أن تلك الجهود أخفقت، إذ خسر «العدالة والتنمية» أصوات ناخبيه في عدد من الدوائر التي اعتبرها معاقل له. وكانت محاولة الحزب الأخيرة هي استقطاب الناخبين الأكراد، لكنها فشلت أيضاً.
وتقول «سينيم أدار»، الباحثة رفيعة المستوى لدى جامعة «هومبولدت» في برلين: «إن مستشاري أردوغان ضللوه بعدم إخباره بمدى الاستياء بين قاعدة ناخبيه، ويواجه الرئيس التركي احتمال حدوث انشقاقات بين شخصيات بارزة في الحزب، بسبب حجم خسارة الانتخابات». وأكدت أن أردوغان ضعُف بصورة كبيرة.
ويبدو أن خسارة إسطنبول مزّقت هالة القوة المحيطة بأردوغان، وبدأ معها القلق ومحاسبة الذات داخل حزبه. وفي رسالة عبر «تويتر»، كتب عضو البرلمان عن «العدالة والتنمية»، مصطفى ينير أوغلو: «إن الحزب خسر إسطنبول، لأنه خسر تفوقه الأخلاقي، والأمل معقود على نقذ الذات بإخلاص». ولفت إلى أن عليهم التركيز على أحلام الشباب والعقلانية وحكم القانون.
وكانت الخسارة لاذعة بالنسبة لأردوغان، على وجه الخصوص، لأنها حدثت في مسقط رأسه، فقد ولد وتربى في إسطنبول، وحقق ظهوراً سياسياً هناك قبل ربع قرن في منصب العمدة. وبدت المدينة ينبوعاً مالياً لشبكات رعاية الحزب الحاكم، واستعراضاً لطموح أردوغان، بما في ذلك ولعه بالمشروعات العملاقة.
وقبل إعادة التصويت أمس الأول، احتشد آلاف المتطوعين لمراقبة الاقتراع، في أكثر من 30 ألف مقر، في سعي دؤوب لمنع أية ذرائع تحمل لجنة الانتخابات على عملية إلغاء أخرى. وبعد ليلة الأحد المظلمة، احتفى أنصار إمام أوغلو في شوارع إسطنبول، مكررين شعار حملته الانتخابية «كل شيء سيكون على ما يرام».
وكان ترنح الاقتصاد التركي، وارتفاع تكاليف السلع الأساسية إلى مستويات قياسية من المخاوف الرئيسية في الانتخابات الأولى والإعادة. لكن هذه المرة، أكد بعض الناخبين أنهم غضبوا من إلغاء التصويت الأول، معتبرين أنه تلاعب هزلي بالديمقراطية التركية.
وفي أحد مراكز الاقتراع في معقل لحزب العدالة والتنمية، قالت «كدير إسين»، البالغة من العمر 32 عاماً، إنها وعائلتها صوتوا في مارس للحزب الحاكم، لكن يوم الأحد صوتت العائلة، البالغ عددها 30 شخصاً، لإمام أوغلو. وأوضحت أنهم غيروا رأيهم بسبب الظلم الذي وقع.
وحظي إمام أوغلو، العمدة السابق لمنطقة «بيلكدوزو» في اسطنبول، صاحب الأسلوب الهادئ، بثناء الكثيرين بسبب نبرته التصالحية غير الحزبية، ووعوده بتقديم مساعدات مالية. وقال ليلة الأحد: «لم يفز حزب أو جماعة أو فصيل في هذه الانتخابات، وإنما فازت إسطنبول بأسرها».
ووعد بإعادة توجيه عشرات الملايين من الدولارات، التي قال إنها كانت تخرج من خزائن المدينة في كل عام لأردوغان والمنظمات والمؤسسات الدينية التي يؤيدها.
وأكد إمام أوغلو، في أبريل الماضي، أن خدمة شخص أو فرد أو جماعة أو تكتلات أو مؤسسات أو منظمات.. كل ذلك قد انتهى. وأضاف: «إن الأموال ستوجه بدلاً من ذلك إلى تأسيس مراكز رعاية يومية ومؤسسات خدمية لمواطني إسطنبول».
*رئيس مكتب واشنطن بوست في إسطنبول
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»